وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على اقتراح مثير للجدل مفاده أنه سيتعين على الشركات مشاركة التفاصيل الرئيسة حول دورها في دفع تغير المناخ والتهديد الذي يشكله ارتفاع درجات الحرارة على عملياتها. وقد وافقت الهيئة بأغلبية 3-2 بسبب معارضة الشركات الشديدة.
وهذه القاعدة، التي تم تأجيلها لأكثر من عام مع تهديد المجموعات الصناعية برفع دعاوى قضائية، أقل قوة من خطة الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالمناخ الأصلية التي وضعتها هيئة تنظيم وول ستريت، والتي كانت ستجبر الشركات العامة على حساب ليس فقط انبعاثاتها، ولكن أيضاً الانبعاثات في جميع أنحاء سلاسل التوريد الخاصة بهم. لكنها لا تزال تمثل أحد التدابير بعيدة المدى التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية لدفع الشركات نحو المساءلة المناخية في وقت يتخذ فيه الكثيرون مواقف محايدة أو يواجهون اتهامات من المستثمرين الناشطين بأنهم يبالغون في إنجازاتهم المناخية.
تعد هذه القاعدة واحدة من أكثر القواعد المتوقعة في تاريخ هيئة الأوراق المالية والبورصات، حيث ولدت نحو 24000 تعليق من الشركات والمجموعات التجارية والمستثمرين ونشطاء المناخ.
«كارولين كرينشو» المفوضة «الديمقراطية»، قالت: «أوضح المستثمرون أن الإفصاح عن انبعاثات غازات الدفيئة ضروري لفهم المخاطر الحالية والمستقبلية على الوضع المالي للشركات. ومن المهم أن نقدم لهم المعلومات التي يحتاجونها لتقييم المخاطر بشكل صحيح».
اعترض المفوضان «الجمهوريان» في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بشدة على المتطلبات الجديدة المفروضة على الشركات، الأمر الذي وضع الأساس للتحديات القانونية في المعارضة اللاذعة التي حذرت من أن التفويض هو محاولة غير لائقة من قبل «الهيئة» لإجبار الشركات على الالتزام بأجندة المناخ الليبرالية. وقال المفوض «مارك أويدا» إن القاعدة كانت مدفوعة من قبل نشطاء المناخ الذين يسعون إلى «استخدام قوانين الأوراق المالية لتحقيق أهدافهم المتعلقة بالمناخ». سيكون للتصويت تأثير بعيد المدى على الشركات الأميركية.
وقال «دوج شيا»، زميل مركز قانون الشركات والحوكمة في كلية روتجرز للحقوق في نيوجيرسي: «سيؤثر هذا على الكثير من الشركات المختلفة، إذ سيكون الأشخاص قادرين على تتبعهم بناءً على ما يُطلب منهم الإبلاغ عنه، وليس فقط ما تقوم به الشركة من تحليل للبيانات. ستبدأ في التعرف على الشركات التي تتعامل بشكل أفضل مع تغير المناخ».
ستختبر القاعدة صلاحيات الحكومة الفيدرالية لإجبار الشركات على مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يجعل من الصعب جداً على الشركات التستر على آثارها الكربونية وقابليتها للتأثر بتغير المناخ من خلال حملات التسويق الأخضر وتقارير التأثير المتفائلة.
وبموجب هذه القاعدة، ستحتاج الشركات إلى الكشف عن أي خسائر نتيجة للأحداث الجوية القاسية التي تغذيها ظاهرة الاحتباس الحراري، بما في ذلك العواصف الشديدة وحرائق الغابات المستعرة وارتفاع منسوب مياه البحار، وفقاً لمخطط هيئة الأوراق المالية والبورصات. وسيتعين عليها أيضاً الكشف عن أي نفقات تتعلق بأهدافها المناخية، مثل شراء تعويضات الكربون أو أرصدة الطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الشركات الكبيرة إلى الإبلاغ عن انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة في منشآتها الخاصة والتي تعتبر «مادية» أو ذات صلة بالمستثمرين، وفقاً لهيئة الأوراق المالية والبورصات.
وفي تغيير ملحوظ عن الخطة الأصلية لهيئة الأوراق المالية والبورصات، لن تحتاج الشركات إلى الإبلاغ عن الانبعاثات الناتجة عن العملاء والموردين، والمعروفة باسم انبعاثات «النطاق 3»، حيث سعى رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، جاري جينسلر، إلى صياغة قاعدة تتمتع بفرصة قوية للتغلب على التحديات القانونية.
بعد ساعات من موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات على القاعدة يوم الأربعاء، أعلن المدعي العام لولاية وست فرجينيا «باتريك موريسي» (جمهوري) أنه سيقود 10 ولايات ذات أغلبية «جمهورية» في الطعن في التفويض أمام المحكمة الفيدرالية. وقال إن الدعوى ستجادل بأن هيئة الأوراق المالية والبورصات تفتقر إلى السلطة اللازمة لإجبار الشركات على إبداء رأيها في قضايا المناخ «المثيرة للجدل». وقال موريسي: «لقد شنت إدارة بايدن مرة أخرى الهجوم على صناعة الطاقة الأميركية. وقد تكون هذه واحدة من أفظع المحاولات حتى الآن».
في السنوات الأخيرة، قلصت المحكمة العليا من سلطة الوكالات الفيدرالية في تطوير الأنظمة الطموحة - وخاصة الأنظمة البيئية - من دون موافقة الكونجرس. وقد يتوقف نجاح القاعدة على قدرة هيئة الأوراق المالية والبورصات على إقناع القضاة بأن هذه السياسة لا تهدف إلى دفع الشركات إلى خفض انبعاثاتها، بل مجرد إلزامها بمشاركة المعلومات التي يحتاجها المستثمرون، وهو الدور الرئيس للهيئة التنظيمية.
من ناحية أخرى، يشعر المدافعون عن المناخ بخيبة أمل بسبب قرار هيئة الأوراق المالية والبورصات بإسقاط متطلبات النطاق 3. ويقولون إنه من الأهمية بمكان أن تقوم الشركات بالإبلاغ عن انبعاثات النطاق 3، (انبعاثات غير مباشرة ناتجة عن سلسلة القيمة الخاصة بالشركة، بما في ذلك الأنشطة الأولية والنهائية) والتي يمكن أن تمثل ما يصل إلى 75% من إجمالي الانبعاثات، وفقا لمبادئ الاستثمار المسؤول، وهي مبادرة تدعمها الأمم المتحدة.
حتى مع تخفيف القاعدة، تقول العديد من مجموعات الأعمال إن هيئة الأوراق المالية والبورصات تتجاوز سلطتها، وتحاول استخدام موقعها كمنظم مالي لإحراج الشركات لحملها على الحد من آثارها الكربونية. كما أثارت القاعدة الجديدة غضب صناعة النفط والغاز بشكل خاص، التي تقول إن اللجنة تعاقب بشكل غير عادل قطاعها الصناعي، وهو مصدر رئيس للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
ومن جانبهم، حارب العديد من «الجمهوريين» بقوة أي قواعد تدفع الشركات إلى إدراج تغير المناخ في خطط أعمالها. وهدد المدعون العامون للحزب «الجمهوري» باتخاذ إجراءات قانونية ضد شركات «وول ستريت»، التي تعطي الأولوية لمخاطر المناخ عند اتخاذ قرارات الاستثمار.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تخاطر بالبقاء على الهامش في غياب اتخاذ إجراء من جانب الهيئة. إن الهيئات التنظيمية المالية في كاليفورنيا، والاتحاد الأوروبي، والصين وأماكن أخرى تمضي قدماً بالفعل في فرض قواعدها الخاصة. وتتسابق العديد من الشركات الأميركية لتلبية هذه المتطلبات، والتي هي أكثر توسعية بكثير مما تفرضه هيئة الأوراق المالية والبورصات.
وبموجب القاعدة التي تمت الموافقة عليها الأسبوع الماضي، ستحتاج الشركات العامة الكبيرة إلى البدء في الإبلاغ عن تعرضها المالي للمخاطر المرتبطة بالمناخ مثل الأحداث المناخية القاسية بحلول عام 2025. وسيكون أمامها حتى عام 2026 للبدء في الكشف عن انبعاثاتها. سيتم منح الشركات الصغيرة المزيد من الوقت.
إيفان هالبر
مراسل أعمال لصحيفة واشنطن بوست، ويغطي تحول الطاقة
ماكسين جوزيلو
كاتبة تغطي تغير المناخ والبيئة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»